من مراكش.. خبراء وعلماء دوليون يدعون حكومات الدول إلى اعتماد نظام استباقي شامل لتدبير الكوارث الطبيعية التي تهدد دول العالم

 من مراكش.. خبراء وعلماء دوليون يدعون حكومات الدول إلى اعتماد نظام استباقي شامل لتدبير الكوارث الطبيعية التي تهدد دول العالم
خولة اجعيفري من مراكش
الخميس 28 شتنبر 2023 - 17:33

أجمع العلماء والخبراء الدوليون المشاركون في النسخة الثانية للمناظرة الإفريقية للحد من المخاطر الصحية، التي تحتضنها مراكش تحت شعار "الصحة في إفريقيا: الماء، البيئة والأمن الغذائي"، خلال الفترة الممتدة من 27 إلى 29 شتنبر الجاري، (أجمعوا) على ضرورة انخراط حكومات الدول في اعتماد نظام استباقي في التعامل مع الكوارث الطبيعية الحد من مخاطرها  وإدارة الطوارئ وفق استراتيجية دقيقة تستحضر حقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في الحياة وضمان السلامة العامة للمواطنين.

وتحدّث الخبراء والعلماء، ضمن أشغال جلسة المناقشة الأولى، التي احتضنها قصر المؤتمرات في مراكش، عشية أمس الأربعاء تحت عنوان "الكوارث الطبيعية: الحد من المخاطر وإدارة الطوارئ"، على ضرورة التنسيق القبلي المفترض للسلطات، قبل وقوع الفواجع الطبيعية، وأثنائها، وتدبير مرحلة ما بعد الواقعة، متّخدين من زلزال الحوز نموذجا حيّا، خلّف دروسا وعبر عدّة ليس فقط على الصعيد الوطني لكن أيضا الدولي.

الثقة كلمة السر

وفي هذا الإطار، قال وزير التعليم السابق، سعيد أمزازي الذي ترأس النقاش الذي دام لأكثر من ثلاث ساعات، إنه من المهم الخروج بتوصيات مصيرية ومحورية، بحضور خبراء من مختلف الدول من ذوي الدراية التامة والكبير بمسألة تدبير الأزمات والنكبات الطبيعية، والمساعدات الاولية، مثنيا في الآن ذاته على مجهودات الإغاثة التي بذلها المتدخلين في أرض الميدان بزلزال الحوز.

وأكد أمزازي، أن اقتصاد المغرب تأثر بشكل كبير جراء الوقائع العنيفة التي شهدتها البلاد في الأسابيع الماضية، بيد أنه من المسلم به، أن يحول المغرب هذه المحنة إلى فرصة، من خلال الانكباب على اعادة الإعمار والتصميم والزراعات المتخصصة وننكب على جوانب اقتصادية اخرى تأخد بعين الاعتبار الاقتصاد الأخضر والجانب البيئي، والنهوض بوضعية الثروة البشرية في المناطق المتضررة.

وشدّد المتحدث، على أن كلمة السر اليوم هي الثقة، التي تحوزها أفريقيا للمغرب والعكس صحيح، بالاضافة إلى النظرة البصيرة للملك محمد السادس، والتي لطالما عبّر عنها المسؤولين في أفريقيا وسفرائهم، وأصدقاء المغرب في أوروبا، وهذه الثقة هي التي مكّنت المغرب من الصمود، اعتمادا أيضا على التعاون المتأصل في ثقافتنا المغربية ويعرفه الجميع

وتابع المتحدث بالقول: "الجائحة علمتنا العديد من الأمور، وعلى رأسها أن التواصل بين جميع المختصين وصناع القرار في البلد تعبد الطريق للوصول إلى أهداف ملموسة بطريقة سلسة والتمكن من تدبير الكوارث بأريحية".

أهمية البحث العلمي في تدبير الكوارث

من جانبها، أوضحت البروفسور المغربية المتخصصة في الجيوليوجيا، حسناء الشناوي، ضمن العرض الذي قدّمته خلال الجلسة، بأن المغرب من البلدان المهدّدة بحدوث الكوارث الطبيعية، مشيرة إلى أنه منذ 1960 وحتى 2021، لطالما كانت المملكة عرضة للفيضانات بالدرجة الأولى، تليها الزلازل، بحيث أن جميع المخاطر المتعلقة بالزلازل في المغرب معروفة.

وأشارت المتحدّثة، إلى أن المغرب في نظر علم الجيولوجيا، مهدّد بمخاطر الزلازل والتسونامي، وهي حقيقة لا يمكن انكارها، لكن وعلى الرغم من ذالك يجابه مشكلة أساسية، مرتبطة بغياب البحث العلمي المتخصص في هذا المجال ولا يتم التطرق له في المختبرات المغربية، وبالتالي لا توجد دراسة مخصصة لمعرفة المشاكل والمخاطر، حتى أنه تم إيقاف اجازة أنشئت في كلية عين الشق للتطرق لهذا الوضع بشراكة مع الوقاية المدنية سنة 2012، على الرغم من كونه تكوين يعود بالنفع على المغرب في مسألة تدبير الكوارث الطبيعية، باعتباره بلد مهدد.

ونبّهت المتحدثة، إلى وجود نقص كبير في التحسيس، بمخاطر الكوارث الطبيعية التي تهدد المغرب، وبالتالي المواطنون عموما ليسوا على علم بكيفية التصرف عند وقوع الزلزال، ما يدفعنا كخبراء إلى الاستعانة ب المنظمات غير الحكومية، لإعطاء دروس حول ماهية الزلزال والفيضانات وكيف يتم التعامل معهما.

وأوصت الخبيرة بضرورة إشراك المجتمع المدني، مع إلزامية إحداث التدريب الاكاديمي الجامعي المخصص لإدارة المخاطر الطبيعية، وفتح هذا العلم أمام الناس، وفتح السلطات المجال للمتدخلين من أجل التفاعل بسرعة، مع ضرورة تعزيز القطاعات العلمية، مشيرة في الآن ذاته، إلى أن القليل من الشباب المغاربة فقط باتوا يهتمون بالعلوم، ما يستوجب تنمية قدرة الطالب ليكون لديه حس نقدي وينفتح على هذا المجال.

التكوين القبلي للأطباء والمتدخلين

وتطرّق الخبير الأرجنتيني دييغو فيراسترو، إلى أهمية الجمعيات العلمية في التحسيس بالمخاطر الطبيعية، مشيرا إلى أنه يعيش في منطقة 33 في المائة من مساحتها رطبة وعانت الفيضانات لسنوات، بسبب التغييرات المناخية، التي غيرت العالم وجعلت العديد من المناطق التي نعيشها هشة، الأمر الذي يستلزم بحسب ضرورة عمل حكومات الدول بشكل استباقي على أخد الطب المتخصص في الكوارث، بعين الاعتبار، كونه يهدف الى الحد من الاضرار في صفوف الضحايا.

ونقل البروفسور الأرجنتيني، تجربة بلاده في تدبير المخاطر الطبيعية، موردا: عندما تقع الكارثة سواء طبيعية او بسبب البشر، الخطوة الاولى اكون هي الانقاذ وهي عملية مهمة جدا لأنها تهدف انقاذ الارواح، ثم إعادة البناء والتأهيل، ثم المرحلة الخاصة بتقليص المخاطر والحد من الاضرار بعد حدوث الكارثة، وهنا تتداخل فيها مهام رجال السياسة والنفوذ والإغاثة، ما يجعل المخطط لا يكون واقعيا".

وبناء عليه، شدّد المتحدث، على حكومات الدول مطالبة بالاشتغال على خطة تدبير الواقعة واختبار كل الاطراف المتدخلة فيها قبل وقوعها، كما يجب أن يتم إحداث غرفة عمليات الخاصة بتدبير الكارثة، مضيفا: "ويجب أحيانا ان يدير غرفة العمليات من تكون لديه سلطة أكبر من سلطة الوزير الصحة، وغالبا يكون مغيث لأنه يسعى لإنقاذ الارواح".

وأكد البروفسور، على ضرورة إعداد المتدخلين جميعهم سلفا للتعامل مع الكارثة قبل وقوعها، مع استحضار واقع الظروف المختلفة وتصنيف الضحايا وقدرة المتدخلين على فحص الضحايا، سيّما وأن الاطباء والممرضين، لا يجيدون العمل في الهواء الطلق لانهم ألفوا المستعجلات، وبالتالي الظروف على الارض هي التي تؤثر على العملية وتستدعي تدريب الأطر الطبية والتمريضية، في مجال التدريب والتكوين.

وفي مداخلته، تطرق العالم الأرجنتيني بإسهاب إلى ضرورة التحضير القبلي للأطباء والمسعفين والممرضين، سيما وأن التعامل مع الضحايا يجب أن يكون سريع حتى على مستوى اتخاذ القرارات، على غرار من الذي يستدعي التدخل في عين المكان ومن يجب ان ينقل إلى المشفى، ومن هو المستعجل، وبالتالي نحن نحتاج إلى استعدادات استباقية والرد السريع والحد من الأضرار ولا يجب أن نرتجل أبدا عند وقوع الكارثة.

بنك معلومات واستثمار الذكاء الاصطناعي

وفي مداخلته، قال أرطغل تاشيروغلو، المهندس والخبير الأمريكي في علم الزلازل، إن مسألة تدبير الكوارث الطبيعية، هي نظام شامل، يستلزم تجميع المعطيات في بنك معلومات توفره حكومات الدول بشكل استباقي، من خلال تحديد الأماكن والمراكز المهددة بحدوث المخاطر، مع رصد جميع الإمكانيات الحديثة والمتطورة لتلقف الخطر قبل حدوثه والحد من الخسائر.

ولفت، إلى ضرورة تحسين طريقة البناء في جميع الدول المهددة من خلال الهندسة الحديثة، بحيث أنه بات لا بد من نظام تصميم هندسي تشغيلي للتصدي للهزات لتقليص الخسائر، فضلا عن اعتماد آخر التكنولوجيات ومواد البناء الباهضة التي تمد المواطنين بالسلامة، مع تقييم ومواجهة التعرض للهزات وتطوير نماذج جديدة، وتوفير قاعدة بيانات متطورة، وتحديد الأماكن المعرضة للخطر ومحاكاتها عن طريق الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعني الوصول الى اليقظة وتبادل المعارف بين جميع المتدخلين.

التنسيق بين الدول لصد الكوارث العابرة للقارات

من جانبه، حذّر الخبير والعالم الجنوب أفريقي كاتليغو موتودي، من الكوارث الطبيعية العابرة للقارات، داعيا إلى ضرورة التنسيق المشترك بين حكومات الدول وهيآتها، وتعبئة الموارد البشرية واللوجيستيكية للتحكم بالفواجع، الأمر الذي سيخوّل "لنا الوصول الى العديد من الحلول في وقت سريع وامكانيات قليلة".

وشدّد المتحدث، ضمن العرض الذي قدّمه، على أن الاستعداد القبلي جد مهم وبات ضرورة ملحّة لاعتماده في المستقبل، سيما وأن الكوارث الطبيعية تحدث بدون سابق انذار وفي أي وقت ومكان وبالتالي المواطنون يعتمدون على المؤسسات لتخطي الخطر، ويجب عليها أن تكون حاضرة ومستعدة لجميع المشاكل، مع التوفر على التكوين اللازم لكبح المخاطر.

وأشار الخبير الجنوب أفريقي، إلى أن العديد من البلدان سوف تبرهن على استعدادها للمساعدة، لكن يجب أن تكون الدول المتضررة نفسها صامدة من خلال المجتمع والاستراتيجيات وبشراكة صناع القرار والمستشفيات ويجب أن تعمل معهم، لتخطي المحن والكوارث، وهذا سيشجع التعاون بين البلدان في وقت الكوارث، مضيفا: "والهدف هو الزخم ليتمكن الاشخاص من التعاون، وتتخد الحكومات قرارات وسياسيات لجميع الكوارث وكيفية التصرف حيالها، فالحكومة تلعب دور هام في التنسيق بجميع الاقسام بجد وقوة للصمود أمام الكوارث الطبيعية التي تجلب معها المشاكل الصحية".

وتابع المتحدث: "يجب ان نبقى بصحة جيدة في زمن الكوارث الطبيعية، والحكومات يجب ان تاخد بعين الاعتبار الحماية الاجتماعية والصحة للمواطنين وتوفير البنيات التحتية ويجب ان تكون التدخلات في الكوارث سريعة للصمود امام الكوارث، وما بعدها أيضا، والاهتمام بالتنسيق أكيد لأن الامراض والكوارث لا تعترف بالحدود".

ولا يمكن تخطي الصعاب، وفق البروفسور الجنوب أفريقي إلا من خلال بناء منصة تمكن التعاون مع بعضنا ومع منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الامراض، واطباء بلا حدود، والبنك الدولي، هذا كله سيقوى مسار السيطرة، وهذا شيء مهم لتحمل المسؤولية والتنسيق مع جميع البلدان، وبناء نظام صحي يصمد أمام الكوارث والتنسيق مع بعضنا أمام الكوارث حينما يكون الاشخاص لا يتوفرون على الحماية الصحية اللازمة".

وتنظم وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بشراكة مع جمعية الصحة الإفريقية العالمية، النسخة الثانية للمناظرة الإفريقية للحد من المخاطر الصحية، تحت شعار " الصحة في إفريقيا: الماء، البيئة والأمن الغذائي" وذلك من 27 إلى 29 شتنبر 2023 بمراكش.

يسلط هذا الحدث الهام الضوء على واقع المنظومات الصحية والأمن الغذائي في إفريقيا. ويهدف إلى وضع إطار إفريقي يعتمد على تجارب البلدان وعلى وجهات نظر الخبراء في مجال الصحة العامة والترقب والتنبؤ في مواجهة المخطار، مع تباحث التدابير الوقائية الناجعة لتجنب آثار الأزمات على المستوى الإنساني، الاجتماعي، السياسي والاقتصادي، في أفق وضع سياسة صحية مشتركة للتعامل مع المخاطر والأزمات الصحية.

وستعرف أشغال المناظرة تقييم مدى تنفيذ توصيات النسخة الأولى والخروج بتوصيات جديدة ملزمة، تروم مساعدة صناع القرار على اتخاذ خيارات استراتيجية في وضع السياسات والنظم الصحية، عبر تحديد الممارسات الجيدة في مجال الحكامة والتمويل والاستدامة المالية بالقطاعات المعنية، من أجل الحد من المخاطر الصحية وتعزيز الأمن الغذائي والمحافظة على النظم البيئة، لما لها من تأثير مباشر على الصحة العامة وعلى جودة الحياة.

يتميز هذا الحدث بمشاركة العديد من الشخصيات البارزة في الساحة الإفريقية والدولية، من وزراء وسفراء وخبراء وشخصيات علمية وسياسية، بالإضافة إلى ممثلي منظمات غير حكومية دولية. ويوفر هذا الحدث الدولي فضاء لتبادل المعلومات والتجارب وكذا وجهات النظر في مجال الحد من المخاطر الصحية، إضافة إلى تحديات الماء والبيئة وتأثيرهما على الأمن الغذائي والصحي بالقارة الإفريقية.

يندرج تنظيم هذه المناظرة في إطار الدينامية المتسارعة لتنزيل أوراش إصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتعميم الحماية الاجتماعية، من أجل ضمان الولوج العادل والمنصف لجميع فئات المواطنين لخدمات صحية مستدامة وذات جودة. كما يأتي تنظيم هذا الحدث في سياق عالمي يتسم بتفاقم الأزمات المتعلقة بتداعيات الأمراض والأوبئة والتغيرات المناخية وندرة المياه والأمن الغذائي، وما يخلفه ذلك من تأثير مباشر على المنظومات الصحية وعلى سلاسل القيمة الفلاحية واللوجستية. وكانت النسخة الأولى للمناظرة الإفريقية للحد من المخاطر الصحية، قد تبنت إعلان مراكش الذي يتضمن 14 توصية تهدف إلى تقليص المخاطر الصحية على صعيد القارة الافريقية، والعمل على ضمان السيادة الصحية والسيادة التكنولوجية خدمة للصحة في القارة السمراء.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...